أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- الغارة على الأسرة المسلمة (8) هكذا كوني ... أو لا تكوني

خطبة الجمعة ليوم 1 ربيع الثّاني 1425 هـ / 21 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فاليوم نضع رحالنا عند آخر محطّة من هذه السّلسلة المباركة في الحديث عن المرأة المسلمة، بعد أن رأينا أهمّ وسائل ثباتها، وأعظم ما تقاوم به أعداءها.

اليوم نودّعك أيّتها الأخت المسلمة بكلمات نزفّها إليك، تسبغ جلباب العزّة عليك:

إليك حملنا القلب خفّاقا *** وكسونا كلماتنا نورا وإشراقا 

نودّعك على أمل أن تكوني مرابطةً على ثغور الإسلام، مصابرة لأعداء الله اللّئام ..

ولنجعل موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله بعنوان:" المرأة الّتي نريد "، أو:" هكذا كوني .. أو لا تكوني"..

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- الغارة على الأسرة المسلمة (6) عمل المرأة: حلول وضوابط

خطبة الجمعة ليوم 4 ربيع الأوّل 1425هـ / 23 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا السّادس معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات للحديث عن موضوع المرأة المسلمة، وما يُكاد لها في وضح النّهار، وهو ما أردنا أن نسمّيه بـ" الغارة على المرأة المسلمة "..

رأينا تاريخ هذا الغزو، وبعض أساليبه، وكيف لنا أن نقاوم هذه الأساليب ؟ وكيف نحمي المرأة من هذه الألاعيب ؟ وكان آخر ما رأيناه هو الحديثَ عن شروط خروج المرأة المسلمة، سواء كان خروجها إلى المسجد، أو إلى غيره.

ولكنّ كثيرا من نسائنا يرون ضرورة الخروج إلى العمل، وهنّ أصناف في ذلك: من تخرج لتلبية رغباتها، أو تخرج لقضاء حاجاتها، أو تخرج لأنّها حُرمَت ممّن يغار عليها.

فرأينا أن يكون حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عبارةً عن ثلاثة نداءات: نداء إلى المرأة نفسها، ونداء إلى ولاة الأمور، ونداء يوجّه إلى الرّجل.

نسأل الله تعالى أن يرزقنا آذانا صاغية، وقلوبا واعية، وأن لا تكون هذه النّداءات كصرخة في صحراء.

- الغارة على الأسرة المسلمة (5) فضائل الحجاب وشروط خروج المرأة

19 صفر 1425 هـ/ 9 أفريل 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] 

فإنّنا قد رأينا في خطبتنا الأخيرة أهمّ الأسلحة الّتي يقاوِم المسلمون بها المفسدين، وأعظم ما يوقِفُ زحف أدعياء التحرّر من الملحدين، ذلكم هو الحجاب، وما أدراك ما الحجاب ؟ شعارٌ للعفّة والثّواب، واستجابة للعزيز الوهّاب.

وإذا رأيت الهابطات فحوقلي *** وقفي على قمم الجبال وتحجبي 

وقد تبيّن لنا أنّ الحجاب ثلاثة أنواع: قرار في البيت، وحجاب أمام المحارم، وحجاب أمام الأجانب.

وقد تُضطرّ المرأة إلى الخروج كما سبق بيانه، وقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ )).

فإذا خرجت فكيف تخرج ؟ فإنّ قرار المرأة في بيتها عزيمة، وإنّ خروجها رخصة، فلا بدّ أن تتوفّر شروط لخروجها، وكان أوّل ما رأيناه: التستّر والتحجّب، بالشّروط الّتي ذكرناها.

- الغارة على الأسرة المسلمة (1) المرأة بين الكرامة والمهانة

خطبة الجمعة ليوم 13 محرّم 1425 هـ الموافق ليوم 5 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء] أمّا بعد:

فقد روى البخاري عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: قالت النّساءُ للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فوعدهنَّ يوماً لَقِيَهُنَّ فيه، فوعظهنّ، وأمرهنّ.

ومثله ما رواه البخاري ومسلم - واللّفظ له - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي الله عنهما قال: شهِدتُ مع رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم الصّلاةَ يومَ العيدِ، فأمرَ بتقوَى اللهِ، وحثَّ على طاعتِهِ، ووعظَ النّاس وذكّرَهم، ثمّ مضى حتّى أتى النّساءَ، فوعظهنَّ، وذكّرهنَّ، فقال: (( تَصَدَّقْنَ فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ )) ... الحديث.

- الغارة على الأسرة المسلمة (2) تاريخ الغارة على المرأة

28 محرّم 1425 هـ/ 19 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد شرعنا معكم أيّها المؤمنون والمؤمنات في خوض هيجاءَ ساخنة، وحربٍ طاحنة .. حربٍ ضدّ أدعياء التحرّر والتطوّر، الّذين يريدون إبعاد الدّين عن الحياة بما يفوق كلّ تصوّر .. حربٍ تستوي فيها الضحيّة والسّلاح، فالضحيّة فيها: المرأة المسلمة، والسّلاح فيها: المرأة المسلمة.

ونساؤنا أمام هذه الفتنة العمياء أصناف أربعة:

- الغارة على الأسرة المسلمة (3) كيف نصدّ هذه الغـارة ؟

5 صفر 1425هـ/ 26 مارس 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فقد رأينا معًا في لقائنا الأخير تاريخ المرأة القديم .. رأينا المرأة بين مخالب اللِّئام وتكريم الإسلام .. بين هوان الجاهليّة وعزّة الحنيفيّة .. ممّا يجعلنا ندرك جليّا أنّ ما يسعى إليه دعاة التحرّر ! هو في الحقيقة العودة إلى الجاهليّة الأولى.

يا دُرّةً، حُفِـظـت بالأمـس غاليـةً *** واليوم يبغونـها للّهـو واللّعـب

يا حُـرّةً، قد أرادوا جَعْـلَهـا أمـةً *** غربيّة العقل لكنّ اسمـها عربـي

هل يستـوي من رسـول الله قائـده *** دَوماً، وآخر هاديـه أبو لـهب

أين من كـانت الزّهـراء أُسـوتَـها *** ممّن تقفّت خُطـا حمّـالة الحطب

سَمَّـوا دعـارتهم: حـرّيـةً كـذباً *** باعوا الخلاعة باسم الفنّ والطّرب

هُمُ الذّئاب وأنت الشّـاة فاحترسـي *** من كلّ مفتـرسٍ للعرض مستلب

أختـاه، لستِ بنَبـتٍ لا جـذور له *** ولستِ مقطوعة مجهـولة النّسـب

- الغارة على الأسرة المسلمة (4) الحـجـاب

12 صفر 1425هـ / 2 أفريل 2004م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

فهذا لقاؤنا الرّابع في هذه السّلسلة المباركة إن شاء الله، نحاول من خلالها الوقوف أمام غزو الغربيّين والمستغربين، وزحف الملحدين والمعاندين.

وكان آخر لقاءٍ معكم قد تضمّن الحديث عن تصحيح كثير من المفاهيم: مكانة المرأة في الإسلام، والمفهوم الصّحيح للعدل، والفوارق بين الرّجل والمرأة. وتبيّن لنا جليّا معنى قول المولى تبارك وتعالى:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ منْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} [النساء:32]، فقد نهى الله جلّ جلاله عن مجرّد التمنّي، فكيف بمن أنكر الفوارق بين الرّجل والمرأة ؟!

وإنّ من أهمّ وأعظم وأكبر الفوارق بين الرّجل والمرأة الحـجـاب.. فمبنى المرأة على السّتر وأن تبقى في الخدور، ومبنى الرّجل على البدوّ والظّهور.

ولم تكن هذه القضيّة مثار جدل بين المسلمين على مدى العصور، إلاّ في منتصف القرن الرّابع عشر عند انحلال الدّولة الإسلاميّة إلى دويلات، وتحوّلها إلى لقيمات هزيلات.

فما معنى الحجاب ؟ وما أنواع الحجاب ؟

Previous
التالي

الثلاثاء 19 ذو الحجة 1432 هـ الموافق لـ: 15 نوفمبر 2011 05:28

- الآداب الشّرعيّة (35) الاستئذان وأحكامه

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فقد صدق من قال:" الأدب جحده أكثر النّاس "؛ فترى أكثرَ الزّائرين اليوم يجهلون مثل هذه الأحكام، فكيف بغيرها ؟!

وقد قال الله عزّ وجلّ:{مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَاداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} [آل عمران:79].

والربّانيّون هم من يعلّمون النّاس صغار العلم قبل كباره [ذكره البخاريّ في " صحيحه "].

فهذه الآداب تدلّ على ذوق رفيع، ومنهج بديع، وإنّ الجهل بها مآله إلى الخلق الشّنيع.

فأوّل آداب الزّيارة في الإسلام:

- الأدب الأوّل: الاستئذان.

والاستئذان هو طلب الإذن، قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النور:27].

خاطبهم بوصف الإيمان ابتغاء الامتثال، فهو سبحانه يشرّع لهم ما يُسعدهم في الدّنيا والآخرة، ويحقّق لهم الحياة الطيّبة كما قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا للهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [الأنفال:24].

وفي معنى الإضافة في قوله ( بُيُوتِكُمْ ) أي: الّتي تسكنونها إمّا:

أ) بالملك، وهو الغالب، فالله يأمر العباد ألاّ يدخلوا بيوتا ليست في ملكهم.

ب) أو بالإجارة والإعارة، فالمؤجّر والمعير وإن كان يملك البيت، فإنّه لا يحلّ له دخول بيتٍ لا يسكنه، بل يجب عليه الاستئذان.

ومعنى قوله تعالى:{حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا} أي: تستأذنوا، واختلفوا في اشتقاق هذه الكلمة على ثلاثة أقوال:

أ) من الأُنس الذي هو ضدّ الاستيحاش، فقد نقل ابن حجر عن الطّحاوي أنّ الاستئناس هو الاستئذان بلغة أهل اليمن.

قال الشّنقيطي رحمه الله في "أضواء البيان":" ووجه ذلك أنّ قارع الباب يستوحش أيُؤذن له أم لا ؟ فإن أُذن له استأنس، فعبّر باللاّزم عن الملزوم، ويؤيّده قوله تعالى بعد: {فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَداً فَلاَ تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ} ".

وقال الطّبري رحمه الله: حتّى تُؤنسوا أهل البيت ويحصل لكم الأنس.

ب) من الإنس: أي حتّى تعلموا من فيها من الإنس.

وهذا القول ضعّفه أهل العلم، لأنّ المطلوب هو أخذ الإذن لا مجرّد معرفة من فيها.

ج) من الإيناس، أي: العلم، حتّى تستعلموا وتستكشفوا الحال؛ لذلك قال مجاهد رحمه الله: حتّى تستأنسوا قال: تنحنحوا أو تنخّموا.

ومن الفوائد والأحكام المتعلّقة بهذا الأدب الرّفيع:

- الفائدة الأولى: هذا الحكم عامّ.

فهذا الحكم لا يخصّ الأجانب فحسب، بل يشمل المحارم أيضا، وفي ذلك آثار عدّة، منها:

ما رواه ابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال:" عليكم أن تستأذنوا على أمّهاتكم وأخواتكم ".

وروى البخاري في "الأدب المفرد"  أنّ رجلا سأل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: أأستأذن على أمّي ؟ فقال: " ما على جميع أحيانها تريد أن تراها ".

وروى ابن أبي حاتم عن عطاء بن أبي رباح قال: قلت لابن عبّاس رضي الله عنه: أستأذن على أخواتي أيتام في حجري معي في بيت واحد ؟ قال: نعم. فرددت عليه ليرخّص لي فأبى، فقال: أتحبّ أن تراها عُريانة ؟ قلت: لا ! قال: فاستأذِنْ. قال: فراجعته أيضا، فقال: أتحبّ أن تطيع الله ؟ قال: قلت: نعم ! قال: فاستأذِن.

وروى البخاري في "الأدب المفرد" عن نافع قال: كان ابن عمر رضي الله عنه لا يسمح لأحد أن يدخل عليه إلاّ باستئذان.

وعن حذيفة رضي الله عنه قال: إن لم يستأذن على محارمه رأى ما يكره.

وعن موسى بن طلحة بن عبيد الله قال: دخل أبي على أمّي فتبعْتُه، فضرب في صدري، وقال: أتدخل بغير استئذان ؟!

وقال ابن جريج: أخبرني ابن طاوس عن أبيه قال: ما من امرأة أكرهَ إليّ أن أرى عورتها من ذات محرم ! قال: وكان يشدّد في ذلك.

وعن ابن مسعود رضي الله عنه يقول: عليكم الإذن على أمّهاتكم.

وقد أورد هذه الآثار ابن حجر في "فتح الباري" وقال:" أسانيدها صحيحة ".

وهي تفيد الوجوب، قال الشّنقيطي رحمه الله في "أضواء البيان":" الأمر الّذي لا ينبغي العدولُ عنه الاستئذان على المحارم ".

- الفائدة الثّانية: هل يستأذِن على الزّوجة.

أمّا زوجته فلا يجب عليه الاستئذان عليها؛ روى الطّبري عن ابن جريج: قلت لعطاء أيستأذن الرّجل على امرأته ؟ قال: لا.

قال ابن كثير رحمه الله:" وهذا محمول على عدم الوجوب، وإلاّ فالأولى أن يُعلِمها بدخوله ولا يفاجئها به؛ لاحتمال أن تكون على هيئةٍ لا تحبّ أن يراها عليها ".

لذلك روى الطّبري عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما قالت: كان عبد الله إذا جاء من حاجة فانتهى إلى الباب تنحنح، وبزق، كراهة أن يهجم منّا على أمر يكرهه. قال ابن كثير:" إسناده صحيح ".

وروى ابن أبي حاتم عن أبي عبيدة قال:" كان عبد الله إذا دخل الدّار استأنس: تكلّم ورفع صوته".

لذلك قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:" فإذا طرأ ما يُوجب الاستئذان وجب، قال العلماء: كما لو كان في البيت محارمه ".

وربّما أيضا كان في البيت من يجب عليها التستّر منه.

- الفائدة الثّالثة: أين يقف المستأذن.

فينبغي للمستأذن أن يقف عن يمين الباب، أو شماله، ولا يستقبله، فإنّما جعل الاستئذان من أجل البصر.

فقد روى البخاري ومسلم عن سهل بن سعد رضي الله عنه أنّ رجلا اطّلع من جحر في دار النبيّ صلّى الله عليه وسلّم والنبيّ يحكّ رأسه بالمِدرى فقال: (( لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكَ تَنْظُرُ لَطَعَنْتُ بِهَا فِي عَيْنِكَ، إِنَّمَا جُعِلَ الاِسْتِئْذَانُ مِنْ قِبَلِ الأََبْصَارِ )).

وفي سنن التّرمذي عن أبي ذرّ رضي الله عنه أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( مَنْ كَشَفَ سِتْراً فَأَدْخَلَ بَصَرَهُ فِي البَيْتِ قَبْلَ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ، فَرَأَى عَوْرَةَ أَهْلِهِ، فَقَدْ أتَى حَدّاً لاَ يَحِلُّ لَهُ أنْ يَأْتِيَهُ، وَلَوْ أَنَّهُ حِينَ أَدْخَلَ بَصَرَهُ اسْتَقْبَلَهُ، فَفَقَأَ عَيْنَهُ، مَا عَيَّرْتُ عَلَيْهِ )).

لذلك كان من هديه صلّى الله عليه وسلّم في الاستئذان ما رواه أبو داود عن عبد الله بن بسر رضي الله عنه قال: ( كَان رسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم إِذَا أَتَى بَابَ قَوْمٍ لَمْ يَسْتَقْبِلْ البَابَ مِنْ تِلْقَاءِ وَجْهِهِ، وَلَكِنْ مِنْ رُكْنِهِ الأَيْمَنِ، أَوْ الأَيْسَرِ، وَيَقُولُ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ، وَذَلِكَ أَنَّ الدُّورَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا يَوْمَئِذٍ سُتُورٌ.

- الفائدة الرّابعة: السّلام قبل الكلام.

فقد قال الله تعالى:{حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا}. وظاهر الآية أنّ الاستئذان قبل السّلام، لكنَّ المقرّر أنّ الواو لا تفيد التّرتيب، وإنّما هي لمطلق الجمع والتّشريك.

قال النّووي رحمه الله:" دلّت السنّة الصّحيحة ومال إليه المحقّقون وقالوا به أنّ السّلام مقدّم على الاستئذان "، وقال في "أضواء البيان":" وممّا دلّت عليه السنّة والأحاديث الصّحيحة أنّ السّلام يقدّم على الكلام، والواو لا تفيد التّرتيب ".

ومن هذه الأحاديث:

- ما رواه التّرمذي وأبو داود - وأصل الحديث في البخاري - عن أبي سعيدٍ رضي الله عنه قال: اسْتَأْذَنَ أَبُو موسَى علَى عُمَرَ، فقالَ: السّلامُ عَلَيْكُمْ، أَأَدْخُلُ ؟

قَالَ عُمَرُ: وَاحِدَةٌ، ثُمَّ سَكَتَ سَاعَةً ثُمَّ قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، أَأَدْخُلُ ؟

قَالَ عُمَرُ: ثِنْتَانِ، ثُمَّ سَكَتَ سَاعَةً فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، أَأَدْخُلُ ؟

فَقَالَ عُمَرُ: ثَلَاثٌ. ثُمَّ رَجَعَ، فقالَ عمَرُ لِلبوَّابِ: مَا صَنَعَ ؟ قال: رَجَعَ ! قال: عَلَيَّ بِهِ.

فلمَّا جاءهُ قَالَ مَا هَذَا الَّذِي صَنَعْتَ ؟ قال: السُّنَّةُ.

قَال: آلسُّنَّةُ ؟! واللهِ لَتَأْتِيَنِّي عَلَى هَذَا بِبُرْهَانٍ أَوْ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ لَأَفْعَلَنَّ بِكَ !

قال: فَأَتَانَا، وَنَحْنُ رُفْقَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ، فقالَ: يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، أَلَسْتُمْ أَعْلَمَ النَّاسِ بِحَدِيثِ رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم ؟ أَلَمْ يقُلْ رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( الِاسْتِئْذَانُ ثَلَاثٌ، فَإِنْ أُذِنَ لَكَ وَإِلَّا فَارْجِعْ ))؟

قال أبو سعيدٍ: ثُمَّ رَفَعْتُ رَأْسِي إليْهِ، فقلتُ: فَمَا أَصَابَكَ في هذا مِنْ الْعُقُوبَةِ فَأَنَا شَرِيكُكَ. قال: فَأَتَى عُمَرَ، فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ، فقالَ عمَرُ: مَا كُنْتُ عَلِمْتُ بِهَذَا.

- وروى التّرمذي وأبو داود عن كَلَدَةَ بنِ حَنْبَلٍ قال: دَخَلْتُ عَلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وَلَمْ أُسَلِّمْ وَلَمْ أَسْتَأْذِنْ، فقالَ النّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: (( ارْجِعْ، فَقُلْ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، أَأَدْخُلُ ؟ )).

- وروى أبو داود عن رِبْعِيٍّ بن خراش قال: حدّثَنَا رجلٌ من بنِي عامِرٍ أنّهُ اسْتَأْذَنَ على النّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم وهوَ في بيْتٍ، فقال: أَألِجُ ؟ فقالَ النّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم لخَادِمِهِ: (( اخْرُجْ إِلى هَذَا فَعَلِّمْهُ الِاسْتِئْذَانَ، فَقُلْ لَهُ: قُلْ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، أَأَدْخُلُ ؟ ))

- وروى أبو داود عن عمر أنّه أتى النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم وهو في مشرُبة له فقال: السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، أَيَدْخُلُ عُمَرُ ؟.

- وروى الإمام أحمد عن زيد بن أسلم قال: أرسلني أبِي إلى ابن عمر فقلت: أأدخل ؟ فعرف صوتي فقال: أيْ بُنّيّ، إذا أتيت إلى قوم فقل: السّلام عليكم، فإن ردّوا عليك فقل: أأدخل ؟.

الفائدة الخامسة: الإفصاح عن الاسم.

فقد جاء في صحيح البخاري ومسلم: عن جابر قال: أتيت النبيّ في دين عليّ فدققت الباب فقال: (( مَنْ ذَا ؟)) فقلت: أنا، فقال: (( أنا أنا )) كَأنَّه كَرِهَهَا.

لذلك بوّب البيهقي رحمه الله في "الآداب" (ص 85) بقوله:" باب كراهية قول المستأذن إذا قيل له: من ذا ؟ قال: أنا ".

ومن باب أولى أن يقول: افتَح افتَح !

الفائدة السّادسة: الاستئذان ثلاثا.

- وقد سبق ذكر قوله صلّى الله عليه وسلّم: (( الِاسْتِئْذَانُ ثَلَاثٌ، فَإِنْ أُذِنَ لَكَ، وَإِلَّا فَارْجِعْ )).

- وروى البخاري عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه عن النّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم أَنَّهُ (( كَانَ إِذَا سَلَّمَ سَلَّمَ ثَلَاثًا، وَإِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلَاثًا )).

فالأوّل فيه: إعلام لأهل البيت، والثّاني فيه: إمهالٌ لهم، والثّالث فيه: إعذار أو اعتذار: إعذار من الزّائر فقد أدّى الّذي عليه، واعتذار من أهل البيت.

قال العلماء: إنّه إذا ظنّ أنّه سمعه على الغالب، فيحرم عليه المعاودة، وإذا علم أنّه لم يسمعه فلهم ثلاثة أقوال ذكرها النّووي:

أ) أشهرها: أنّه ينصرف، ولا يعيد الاستئذان، وهو قول الجمهور، وبهذا جزم الشّنقيطي في "أضواء البيان".

وحجّته قوله صلّى الله عليه وسلّم: (( فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَلْيَرْجِعْ )).

ب) والثّاني: يزيد فيه، وعزاه الحافظ إلى الإمام مالك، وهو الرّاجح عند الشّافعيّة.

ج) والثّالث: إن كان بلفظ الاستئذان المتقدّم ( أي: السّلام والاستئذان) لم يُعِدْه، وإن كان بغيره أعاده، ذكره المازري.

والصّواب: أنّه إذا أتى بالواجب، وطرق الباب على النّحو الذي يُسمع عادة، وجعل فاصلا بين المرّات ( لانشغال أهل البيت بقضاء حاجة، أو صلاة ) فهذا يرجع لأنّه أدّى الذي عليه، وإن قصّر في هذه الآداب فلا يُعيد من باب أولى عقوبةً له على فعله.

فالمسلم يزور ليُدخل السّرور، لا ليُدخل الشّرور، فإن لم يُؤذن له فلينصرفْ، وليدْعُ لصاحبه بالخير، ولِيحْتسبْ خُطاه عند من لا يعزب عنه مثقال ذرّة.

الفائدة السّابعة: تحريم النّظر إلى بيت المسلم دون إذنه.

وفي ذلك عدّة أحاديث:

- روى البخاري ومسلم عن أنَسٍ رضي الله عنه:" أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ مِنْ بَعْضِ حُجَرِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم، فَقَامَ إِلَيْهِ النّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم بِمِشْقَصٍ أَوْ بِمَشَاقِصَ، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَخْتِلُ الرَّجُلَ لِيَطْعُنَهُ ".

[المشقص: نصل السّهم إذا كان طويلا غير عريض. و(يختل): أي: يطعنه وهو غافل].

- وروى البخاري تعليقا ومسلم موصولا وغيرهما عن أبي هريرَةَ رضي الله عنه عنْ النّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( مَنْ اطَّلَعَ فِي بَيْتِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ فَقَدْ حَلَّ لَهُمْ أَنْ يَفْقَئُوا عَيْنَهُ )).

- وفيهما أيضا عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قال أبُو القَاسِمِ صلّى الله عليه وسلّم: (( لَوْ أَنَّ امْرَأً اطَّلَعَ عَلَيْكَ بِغَيْرِ إِذْنٍ فَخَذَفْتَهُ بِعَصَاةٍ فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ جُنَاحٌ )).

أي: لا إثم، ولا دية، ولا قصاص.

قال الشّنقيطي رحمه الله:" لا ينبغي أن يُختلف فيه لثبوته في السنّة، وما حكيْتُ أقوالَ من خالف في ذلك؛ لسقوطها عندنا ".

يقصد رحمه الله بمن خالف المالكيّة حيث قالوا: إنّ هذا الحديث خرج مخرج الزّجر والتّنفير من الفعل، قالوا: ولا يجوز مقابلة المعصية بمعصية مثلها، فكيف بما هو أشدّ منها ؟

والصّواب قول جمهور العلماء؛ لأنّ هذا لا يمكن أن يُسمّى معصية، لأنّه مأذون فيه، جعله الله عقوبة تلقاء انتهاك حدود الله، ونظيره رجم الزّاني المحصن وجلد البكر، وقطع يد السّارق ونحوها.

تنبيه: هذه الأحكام يُستثنى منها البيوت العامّة، كما هو حال الفنادق، والأماكن المعدّة للضّيافة العامّة، قال تعالى:{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ} [النور:29]. قالوا: هي دور مصالح المسلمين العامّة.

والله أعلم، وأعزّ وأكرم.

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.